مع كل الظروف الراهنة التي تعيشها سورية اليوم من مخلّفات حرب لم تنته هدفت إلى تدمير بناها التحتية والنيل من مكانتها العزيزة عربياً وإقليمياً، وحصار اقتصادي شديد ومتعاظم يستهدف تعافي الدولة والمجتمع والحيلولة دون إعادة الإعمار، إضافة إلى الأزمة العالمية المستجدة بوباء كورونا، مع كل ذلك يبرز سؤال قد يبدو مبرّراً للوهلة الأولى حول معقولية الاستمرار في دعم نشاطات البحث العلمي في سورية واستغلاله للنهوض بالاقتصاد المتعثر وتطوير المجتمع بمؤسساته الإنتاجية والخدمية.
في سعينا الدؤوب للإجابة عن السؤال السابق ننطلق من مبدأ راسخ هو أن البحث العلمي ضرورةٌ حتمية لأي تطوير، ولا يمكن إغفال أهميته حتى في أحلك الظروف وأصعبها. والأمثلة عديدة ووفيرة حولنا عن أمم ذاقت وبال الحروب و/أو بقيت تحت الحصار عقوداً من الزمن، ومع ذلك استثمرت في نشاطات التعليم والبحث والتطوير معتمدة في ذلك على كفاءاتها وخبرائها الذين سخّروا الإمكانات الضعيفة لدولهم وعظّموا الفائدة منها ونهضوا بالاقتصاد وحققوا اكتفاءً ذاتياً تلاه دخول دولهم المنافسة العالمية في ميادين المعرفة والابتكار. ولا بد لأجل ذلك من استنباط الدروس والعبر لنحقق ما نصبو إليه من تعافٍ وازدهار، والوقوف على الفوائد الجمة التي تجنيها الأمم من جرّاء دعم نشاطات البحث العلمي وترسيخه منهجا في كافة مستويات التعليم وتحديد مبادئه وأدواته التي سنتناول أهمها فيما يلي من سطور.
